المشهد الإعلاميِّ الجديد: صراع القوى بين عمالقة التِّقنيَّة والمحافظين والحكومة 

نشر بتاريخ 10/14/2024
مدونة الخبر

يشهد المشهد الإعلاميُّ والمعلوماتيُّ تحوُّلات جذريَّةً في الوقت الرَّاهن، متأثِّرًا بمجموعة متنوِّعة من اللَّاعبين ذوي المصالح المتباينة وتبرز في هذا السِّياق ظاهرة " الرَّأسماليَّة الخيريَّة " الَّتي تمارسها شركات التِّقنيَّة الكبرى، والَّتي تعيد تشكيل صناعة الإعلام بشكل عميق. هذه الظَّاهرة تخلق اعتمادًا مقلقًا بين غرف التَّحرير التَّقليديَّة والتَّمويل القادم من وادي السِّيليكون، ممَّا يثير تساؤلات حول تأثيرها المحتمل على المحتوى والاستقلال التَّحريريِّ. 



وفي مقاطعة لوس أنجلوس، نجد مثالاً على المبادرات الخيريَّة المحلِّيَّة، حيث يستثمر المتبرِّعون 15 مليون دولار لدعم وسائل الإعلام المجتمعيَّة وتحسين الصِّحافة المسؤولة إقليميًّا. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الإعلام المحلِّيِّ الَّذي غالبًا ما يعاني من الأزمة الَّتي تمرُّ بها الصِّحافة التَّقليديَّة. ورغم نبل هذه المبادرة، إلَّا أنَّها تندرج ضمن الاتِّجاه الأوسع للرَّأسماليَّة الخيريَّة في مجال الإعلام. 

في المقابل، نشهد هجومًا مضادًّا من الجانب المحافظ. فالنَّاشط المحافظ ليونارد ليو يخطِّط لاستثمار مليار دولار لمواجهة ما يراه هيمنةً ليبراليَّةً في مجالي الإعلام والتَّرفيه. هذا المبلغ الضَّخم يعكس رغبة بعض الجهات المحافظة في إعادة توازن المشهد الإعلاميِّ وفقًا لرؤيتهم الأيديولوجيَّة. 

وفي خضمِّ هذه التَّحوُّلات، تدور معركةً قانونيَّةً بين جوجل ووزارة العدل الأمريكيَّة حول السَّيطرة على تقنيَّات الإعلان. تسعى الحكومة للحصول على شروط أكثر ملاءمة لمنافسي جوجل، متَّهمةً عملاق التِّقنيَّة بممارسات احتكاريَّة. في حين تدافع جوجل عن استثماراتها وتكامل أدواتها الإعلانيَّة. 

هذا الوضع يثير عدَّة قضايا حاسمة، منها الاستقلال التَّحريريُّ، وتعدُّديَّة المعلومات، والمنافسة والابتكار، ودور السُّلطات في تنظيم قطاعي الإعلام والتِّقنيَّة للحفاظ على التَّنوُّع والإنصاف. في النِّهاية، يبدو أنَّ مستقبل الإعلام المستقلِّ والتَّعدُّديِّ سيعتمد على القدرة على إيجاد توازن بين هذه القوى المختلفة.