أصبح إدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم عموما رهانا كبيرا يفرض نفسه بقوة بالنظر لقدرة هذه التكنولوجيا على إحداث نقلة نوعية على مستوى أدوات التلقي والبحث والتكوين، وكذا لمواجهة تحدي اتساع الفجوة التكنولوجية إزاء الدول الرائدة في هذا المجال.
وتتعدد أشكال استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواته بتعدد المجالات. ويمكن اعتبار هذه الثورة التكنولوجية مدخلا مهما للنهوض بمنظومة التعليم الوطنية بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص. فالذكاء الاصطناعي آلية أساسية ومكملة لعمل الأساتذة، ومن شأنها أن تساعد بشكل فعال على تطوير طرق التدريس والبحث العلمي وتسريع التعلمات، وبالتالي تحسين مستوى التحصيل الأكاديمي والعلمي.
وقد اتخذت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار مجموعة من الإجراءات العملية لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بفعالية في العملية التعليمية وتكوين أطر التدريس، وتسهيل الولوج إليه.
وفي هذا الإطار، أوضح بدر الزاهر الأزرق المكلف بالتواصل والإعلام بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن هذه الإجراءات تروم مواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها هذا المجال، وذلك تزامنا مع ظهور مجموعة من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث عمدت الوزارة إلى حث الجامعات على احداث عرض تكويني يساير التطورات الحاصلة في هذا المجال، وكذا إطلاق برامج تمويلية لتشجيع الأبحاث التي تهتم بالذكاء الاصطناعي.
وبخصوص إدراج الذكاء الاصطناعي بمؤسسات التعليم العالي الجامعي، عملت الوزارة أيضا، بحسب المسؤول ذاته، على حث الجامعات على بلورة مسالك جديدة للتكوين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تم اعتماد 69 مسلكا موزعة على جميع الديبلومات، مما سيؤدي إلى الزيادة في أعداد الطلبة المسجلين في هذا المجال.
كما تم إنشاء مؤسستين جديدتين للتعليم العالي متخصصتين في مجال الذكاء الاصطناعي بكل من تارودانت وبركان، وفق المصدر ذاته، مما سيزيد من تنوع العرض التكويني في هذا المجال بإضافة 14 مسلكا.
وشدد السيد الأزرق على ضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي ووسائله في الوسائل التعليمية وتكوين الأساتذة وذلك من خلال المشروع الاستراتيجي الثاني المتعلق بتنزيل الإصلاح البيداغوجي الشامل والمندمج، وذلك تنفيذا للأهداف الاستراتيجية للمخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
ولإدراج الذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي والابتكار، أطلقت الوزارة، يضيف المتحدث، برنامج الخوارزمي للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وذلك، بعد مرحلة تقييم علمي أجراها الخبراء التابعون للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST)، حيث تم اختيار 60 مشروع ا خضعت للانتقاء، تم اختيار 45 مشروع ا منها للتمويل.
ويهدف هذا البرنامج، بحسب السيد الأزرق، إلى إعداد جيل من الطلبة والباحثين يتقنون المهارات اللازمة في مجال الذكاء الاصطناعي التي تساهم في بناء اقتصاد مزدهر يعتمد على التحول الرقمي واقتصاد المعرفة، ودعم البحث التطبيقي في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز تنافسية الشركات المغربية، وتعزيز تطوير نسيج انتاجي مبتكر قادر على الاستفادة من الفرص السوسيو اقتصادية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي إن على الصعيد الوطني أو الدولي.
وعن التحديات الرئيسية التي تعترض إدماج الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم، أشار المتحدث إلى أربعة جوانب رئيسية، ترتبط أساسا بضرورة مراعاة الجانب الأخلاقي ولاسيما في ما يتعلق بحماية البيانات الشخصية، واحترام الملكية الفكرية للغير، وكذا تكوين الأساتذة، وضمان تكافؤ الفرص من خلال ضمان عدم حدوث فوارق بين الطلبة، بالإضافة إلى البنية التحتية، نظرا لأن الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات مهمة.
وفي هذا الإطار، أكد على ضرورة إدماج الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم العالي بطريقة مدروسة لتعزيز تعلم شامل ومكيف وتطوير المهارات اللازمة لمواكبة عصر الرقمنة، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في مجال التعليم من خلال جعله أكثر فعالية وتكيفا، وتسهيل الولوج اليه من طرف جميع الطلبة بالجامعات المغربية.
وأشار أيضا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضطلع بدور كبير في حل الكثير من الإشكاليات المرتبطة بالتعليم ومنها: حل مشكل الاكتظاظ بمؤسسات التعليم العالي الجامعي العام من خلال المساهمة في تطوير الأدوات المستخدمة في التعليم عن بعد، والتي باستطاعتها توفير المراقبة والمساعدة الآنية للطلبة مع دعمهم في مسار التعلمات الخاصة بهم.
كما يمكنه أن يسهم في تحسين جودة التكوينات، يضيف المتحدث، من خلال تقييمها واقتراح أفكار وتعديلات ملائمة بهدف الرفع من جودتها. وكذا تحسين إمكانيات الولوج والإدماج في مجال التعليم من خلال التقنيات المتطورة لتلبية الاحتياجات الخاصة للمتعلمين وخصوصا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة التعليم العالي .. تعزيز لتعلم شامل وملائم
نشر بتاريخ 03/23/2024
حسنى أفاينو - و م ع