في قلب العاصمة الفرنسية، تتكشف قصة معقدة من المراقبة والنفوذ، حيث يجد المعارضون الجزائريون أنفسهم في مواجهة شبكات تمتد جذورها إلى السلطة في الجزائر. في شقة صغيرة بضواحي باريس، يروي غيلاس عينوش، رسام الكاريكاتير البالغ من العمر 36 عاماً، قصته المؤلمة مع القمع والملاحقة.
وفي تحقيق موسع نشرته مجلة "لو بوان" الفرنسية في عددها 2738 الصادر في 16 يناير 2025، يكشف الصحفيون جيرالدين ووسنر وبارتولومي سيمون وساندرا بويسون وإروان سيزنيك عن شبكة معقدة من العلاقات والتأثير التي يمارسها النظام الجزائري في فرنسا.
تمتد هذه الشبكات عبر القنصليات والمساجد ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم توظيف مؤثرين وناشطين موالين للنظام لمراقبة المعارضين والتأثير على الجالية الجزائرية المقدرة بأكثر من 2.5 مليون شخص. وتشير التقديرات الرسمية إلى وجود خمسين عميلاً على الأقل للمخابرات الجزائرية يعملون على الأراضي الفرنسية.
وتبرز المسجد الكبير في باريس كمركز نفوذ رئيسي، حيث يشرف على شبكة تضم 400 مسجد في فرنسا. ويلعب رئيسه شمس الدين حفيظ دوراً محورياً في تعبئة الجالية الجزائرية لصالح النظام، خاصة خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وفي ظل تصاعد التوتر بين البلدين، خاصة بعد قضية المؤثر "دوالمن" واعتقال الكاتب بوعلام صنصال، تتجه العلاقات الفرنسية الجزائرية نحو منعطف حرج. وتدرس السلطات الفرنسية خيارات متعددة للرد، من تجميد الأصول إلى سحب التأشيرات الدبلوماسية.
"نحن نواجه إرهاباً قومياً جديداً"، يقول غيلاس عينوش، مضيفاً أن النظام يستخدم الورقة القومية للحفاظ على سلطته في وقت تتدهور فيه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر.