يعرف المشهد الإعلامي المغربي مفارقة لافتة: فمن جهة، تتدفق المليارات على المؤسسات الإعلامية العمومية، ومن جهة أخرى، تتعثر هذه المؤسسات في مواكبة التحديات الإعلامية المعاصرة، خاصة مع اقتراب المغرب من استضافة أحداث رياضية عالمية.
وتتجلى هذه المعضلة في الأداء المتواضع للقنوات العمومية والإذاعات الرسمية في التصدي للشائعات المغرضة. فوفقاً لتدوينة محقة نشرها Morocco Intel على منصة تويتر، فقد أظهرت حادثة الادعاءات الهندية حول قتل الكلاب في المغرب بطء الاستجابة الإعلامية، حيث مرت أشهر طويلة قبل أن يصدر أي تكذيب رسمي.
وتثير الأرقام المالية الدهشة: فالميزانية السنوية التي تتجاوز 2.2 مليار درهم لم تترجم إلى حضور إعلامي قوي أو استراتيجية فعالة لمكافحة التضليل. فالمنصات الإعلامية العمومية، رغم إمكانياتها الضخمة، تبدو غائبة عن ساحات المعارك الإعلامية الرقمية.
ولعل المثال الأبرز هو وكالة المغرب العربي للأنباء، التي تستنزف ربع مليار درهم سنوياً، لكنها تفتقر إلى السرعة والمرونة في نقل الأخبار المحلية، متخلفة عن ركب التطور التكنولوجي والتحول الرقمي.
وقد برز هذا القصور جلياً في التعامل مع قضايا حساسة، كأزمة مليلية والشائعات المتعلقة بالنازحين من غزة، وصولاً إلى التشكيك في تنظيم المغرب لكأس أمم إفريقيا 2025. في كل هذه الحالات، بدا الإعلام العمومي متأخراً في الرد، وضعيفاً في التأثير.
ومع تصاعد التحديات الإعلامية العالمية، وخاصة مع اقتراب مونديال 2030، يبدو أن المغرب بحاجة ماسة إلى ثورة حقيقية في منظومته الإعلامية العمومية. فالرهان ليس فقط على نجاح التظاهرات الرياضية، بل على حماية السمعة الدولية للمملكة من هجمات التضليل الإعلامي المتزايدة.